للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي فاذكروني بالطاعة والامتثال والعمل الصالح، مثل الحمد والتسبيح والشكر، وقراءة القرآن وتدبرا آياته، والتفكر في الأدلة الكونية على وجودي وقدرتي ووحدانيتي، والتزام ما أمرتكم به، واجتناب ما نهيتكم عنه، والإيمان بالرسل والاقتداء بهم، أذكركم عندي بالثواب والإحسان، وإفاضة الخير، ودوام السعادة والعزة، وأفاخر بكم الملائكة، واشكروا نعمتي التي أنعمتها عليكم بالقلب واللسان واستعمال كل عضو فيما خلق له من الخير والنفع، ولا تكفروا هذه النعم، بصرفها في غير ما يبيحه الشرع، ولا يقره العقل السليم، فإني مجازيكم على ما قدمتم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، كما جاء في آية أخرى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ، إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم ٧١/ ١٤].

فقه الحياة أو الأحكام:

الاتجاه إلى القبلة وسيلة لتوحيد الأمة، والمقصود الحقيقي إنما هو إخلاص العبادة لله، أيا كانت جهة الاتجاه في الصلاة، فلا يصح استغلال الخلاف بين أتباع الأديان، وعلى الناس التسابق في الخيرات وأعمال البّر والإحسان، وعليهم أيضا الطاعة في جميع ما أمر الله به، وما تبدل الأوامر بالاتجاه نحو بيت المقدس أولا، ثم الكعبة بنحو دائم إلا نوع من الابتلاء والاختبار، لمعرفة المؤمنين الصادقين، والكشف عن الكاذبين، وتمييز الخبيث من الطيب، والمسلم من المنافق، فلم يكن تحويل القبلة نقمة، وإنما هو نعمة كبري والأمر في قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ} يراد به المبادرة إلى تنفيذ ما أمر الله به، من استقبال البيت الحرام، وإن كان يتضمن الحثّ على المبادرة والاستعجال إلى جميع الطاعات بعموم اللفظ‍، فإن المعنى المراد-كما قال القرطبي- المبادرة بالصلاة أول وقتها، ويسنّ الإبراد بالظهر عند مالك والشافعي لشدة الحرّ، لما

رواه البخاري والترمذي عن أبي ذر الغفاري أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن شدّة الحرّ من فيح جهنم، فإذا اشتد الحرّ فأبردوا بالصلاة».

<<  <  ج: ص:  >  >>