للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

بعد ذكر دلائل التوحيد من أول السورة إلى آخرها، أمر الله تعالى بتقوى الله والخوف منه، والخشية من يوم القيامة، لأنه تعالى لما كان واحدا أوجب التقوى البالغة، وأنذر الناس يوم المعاد، وأخبر بأنه حق كائن، ثم أردفه ختاما للسورة ببيان ما استأثر الله بعلمه، وهي مفاتح الغيب الخمسة، لأنه بعد هذا الإنذار كأن قائلا قال: فمتى يكون هذا اليوم؟ فأجيب بأن العلم بهذه الأمور لا يحصل لغير الله، ولكن يوم المعاد كائن لا بد منه، وإن لم يعلم الناس وقته، والله قادر عليه.

التفسير والبيان:

{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ، وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً} أي يا أيها البشر من كفار ومؤمنين خافوا الله الذي خلقكم ورزقكم، وسخر لكم هذا الكون، واحذروا عقابه، واخشوا يوما شديد الهول هو يوم القيامة الذي لا يغني فيه والد عن ولده، فلو أراد أن يفديه بنفسه لما قبل منه، ولا مولود هو مغن عن والده أو نافع والده شيئا، فلو أراد فداء والده بنفسه، لم يقبل منه، إذ لا يستطيع أحد أن يشفع بأحد إلا بإذن الله، ولا جدوى عند الله إلا بالعمل الصالح الحاصل في الحياة الدنيا.

ثم أخبر الله تعالى عن حدوث هذا اليوم حتما، فقال:

{إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} أي إن وعد الله بالبعث وبالثواب والعقاب أمر ثابت مؤكد حصوله، ولا شك فيه، ولا خلف لوعده.

ومقتضى التخويف الإعداد لهذا اليوم وترك التعلق بالدنيا، فقال تعالى:

{فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} أي لا تخدعنكم زينة

<<  <  ج: ص:  >  >>