المشركين غير المذكورين سابقا الذين تكون عبادتهم الله للدنيا، إن أوتوا منها رضوا، وإن منعوا منها سخطوا وقنطوا.
التفسير والبيان:
{وَإِذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً، إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} أي إذا أصاب الناس عادة شدة أو بلاء من مرض أو قحط أو تعرض للخطر في جو أو بحر أو بر ونحو ذلك من حالات الاضطرار، لجؤوا إلى الله يدعونه وحده لا شريك له، وتضرعوا إليه واستغاثوا به مقبلين عليه، راجعين إليه، حتى إذا كشف عنهم البلاء وأسبغ عليهم النعمة، فاجأ فريق منهم في حالة الاختيار، يشركون بالله، ويعبدون معه غيره من الأوثان والأصنام.
فهم انتهازيون نفعيون يؤمنون بالله، ويدعونه دون سواه وقت المصلحة أو الحاجة الشديدة، ثم يتنكرون لربهم، ويعرضون عنه حال السراء والرخاء، بل ويشركون به سواه، وهذا مبعث العجب والاستغراب.
{لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ} اللام لام العاقبة، أي ليؤول أمرهم إلى الكفر بنعمة الله، وجحود فضله وإحسانه. ورأى بعضهم أن الفعل فعل أمر للتهديد، كما في قوله تعالى:{فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف ٢٩/ ١٨] وكالأمر بعده:
{فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} الأمر للتهديد، كما في قوله تعالى:{اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ}[فصلت ٤٠/ ٤١] أي استمتعوا أيها المشركون بمتاع الدنيا ورخائها، فمتاعها قصير زائل، فسوف تعلمون عقابي وشدة عذابي في الآخرة على كفركم في الدنيا.
قال بعضهم: والله لو توعدني حارس درب، لخفت منه، فكيف والمتوعّد هاهنا هو الذي يقول للشيء:{كُنْ فَيَكُونُ}؟!