وبعد أن بيّن الله تعالى لبني إسرائيل وغيرهم صفات الهادي وهو القرآن، بيّن حال المهدي وهو الإنسان، ليقوي الترابط بينهما، ويدل على وحدة المهديين بالكتب السماوية، فقال تعالى:
{وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ.}. أي إن صفة الإنسان العجلة، فيدعو في بعض الأحيان حين الغضب على نفسه أو ولده أو ماله بالشّر، أي بالموت أو الهلاك والدّمار واللعنة، كما يدعو ربّه بالخير، أي بالعافية والسّلامة والرزق، ولو استجيب دعاؤه لهلك، ولكن الله بفضله ورحمته لا يستجيب دعاءه، كما قال تعالى:{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ، لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}[يونس ١١/ ١٠]، و
روى أبو داود عن جابر أن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال:«لا تدعوا على أنفسهكم، ولا أموالكم أن توافقوا من الله ساعة إجابة، يستجيب فيها».
والذي يحمل الإنسان على ذلك قلقه وعجلته، ولهذا قال تعالى:{وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً} أي يتعجل تحصيل المطلوب دون تفكير في عواقبه.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يأتي:
١ - إن القرآن الكريم أنزله الله تعالى على محمد صلّى الله عليه وآله وسلم سبب اهتداء للبشرية قاطبة، يرشدها لأقوم الطرق، وأصح المناهج، وأعدل المسالك، وهي توحيد الله والإيمان برسله، والدعوة إلى مكارم الأخلاق، وأفضل مناهج الحياة.
٢ - وللقرآن هدف آخر وهو التّبشير والإنذار، تبشير المؤمنين الذين يعملون الأعمال الصالحة بالجنّة، وإنذار أعدائهم الكفار بالعقاب في نار جهنم، والقرآن معظمة وعد ووعيد.
٣ - إن طبع الإنسان القلق والعجلة، فيعجل بسؤال الشرّ كما يعجل بسؤال