للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاغة:

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً} تشبيه تمثيلي، شبه المنافق بمستوقد النار، وإظهاره الإيمان بالإضاءة، وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار. وكذلك {أَوْ كَصَيِّبٍ.}. تشبيه تمثيلي، شبه الإسلام بالمطر لأن القلوب تحيا به، وشبه شبهات الكفار بالظلمات.

{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} تشبيه بليغ، أي هم كالصم البكم العمي في عدم الاستفادة من هذه الحواس.

{يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ} مجاز مرسل من إطلاق الكل وإرادة الجزء، أي رؤوس أصابعهم.

«ويكذبون.. مصلحون.. يعمهون»: توافق الفواصل مراعاة لرؤوس الآيات، وهو من المحسنات البديعية. والخلاصة: اشتملت الآيات على قوة التعبير وشدة التأثير وروائع التشبيه، ففيها تشبيه القرآن بالمطر إذا أمطر يحيي الأرض، والقرآن يحيي موات النفوس، ويرى أصحاب الأهواء أن في القرآن شبها هي كالظلمات العارضة مع المطر. وفي الآيات أيضا وعد ووعيد كالرعد قوة وشدة.

المفردات اللغوية:

«المثل» الصفة التي أضحت كالمثل، أو مثالهم في نفاقهم وحالهم العجيبة. {اِسْتَوْقَدَ} أوقد نارا للاستدفاء والإضاءة، أو طلب إيقاد النار {أَضاءَتْ} أظهرت ما حولها، «ترك» صيّر.

والصم: آفة تمنع السماع، والبكم: الخرس، والعمى: عدم البصر عما من شأنه أن يبصر.

{كَصَيِّبٍ} الصيب: المطر الكثير. {رَعْدٌ} الرعد: صوت احتكاك الهواء الذي يسمع في السحاب عند تجمعه. والبرق: هو الضوء الذي يلمع في السحاب غالبا بسبب احتكاك الهواء واتحاد كهربية السحاب الموجبة بالسالبة. والصاعقة: نار عظيمة تنزل أحيانا أثناء المطر والبرق بسبب تفريغ كهربية السحاب بجاذب يجذبها إلى الأرض. والخطف: الأخذ بسرعة.

{قامُوا}: وقفوا وثبتوا في أماكنهم متحيرين منتظرين تغير الحال، للوصول إلى النجاة.

والظلمات: هي ظلمة الليل وظلمة السحب وظلمة الصيّب نفسه.

سبب نزول الآية ١٩:

أخرج الطبري عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما في نزول هذه الآية:

قالوا: كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله: فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فكان كلما أضاءت لهما الصواعق، جعلا أصابعهما في آذانهما من الفرق (الخوف) أن

<<  <  ج: ص:  >  >>