للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا هو، والأمد: الزمن البعيد. {عالِمُ الْغَيْبِ} ما غاب عن العباد. {فَلا يُظْهِرُ} لا يطلع.

{عَلى غَيْبِهِ أَحَداً} على الغيب المخصوص به علمه. {إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ} أي إن الرسول يطلعه الله على بعض الغيب معجزة له. {يَسْلُكُ} يجعل ويقيم. {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} من بين يدي المرتضى الرسول. {رَصَداً} حراسا وحفظة من الملائكة يحفظونه حتى يبلغه مع بقية الوحي. وأما كرامات الأولياء في المغيبات فتكون تلقيا من الملائكة.

{لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا} أي ليظهر معلوم الله كما هو الواقع من غير زيادة ولا نقص، أو ليعلم محمد النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبريل والملائكة معه الوحي بلا تحريف وتغيير، و {أَبْلَغُوا} على المعنى الأول: هم الرسول، وعلى الثاني هم الملائكة وروعي بجمع الضمير معنى من (١). {رِسالاتِ رَبِّهِمْ} أبلغوا رسالات الله كما هي من غير تغيير. {وَأَحاطَ‍ بِما لَدَيْهِمْ} أحاط‍ علما بما عند الرسل، وهو عطف على مقدر، أي فعلم ذلك. {وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} أي أحصى عدد كل شيء.

سبب النزول:

قال مقاتل: إن المشركين لما سمعوا قوله تعالى: {حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ، فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً} قال النضر بن الحارث:

متى يكون هذا اليوم الذي توعدنا به؟ فأنزل الله تعالى: {قُلْ: إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ} إلى آخر الآيات.

التفسير والبيان:

{قُلْ: إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} أي قل أيها الرسول: لست أعلم قرب العذاب الذي يعدكم الله به، فما أدري أقريب وقت الساعة أم بعيد، وهل جعل الله له غاية ومدة؟ فلا يعرف متى يوم القيامة إلا الله وحده. ومضمون الآية أمر من الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقول للناس: إنه لا علم له بوقت الساعة، أي تفويض علم تعيين الساعة إلى الله؛ لأنه عالم الغيب.


(١) أي إن قوله تعالى: مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مع قوله: أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا كقوله: فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ من الحمل على اللفظ‍ تارة، وعلى المعنى أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>