{وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} أي ومثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي كلّ من أجرم في حقّ الله، وفي حقّ نفسه، وفي حقّ إخوانه المسلمين، ليدلّ على أنّ الاجرام هو السّبب المؤدّي إلى العقاب، وأن كلّ من أجرم عوقب. ثم كرر ذلك في آخر الآية التالية فقال:{وَكَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ} لأن كلّ مجرم ظالم لنفسه.
ولهؤلاء المجرمين من نار جهنّم فراش يفترشونه من تحتهم، وأغطية من فوقهم، والمراد أن النّار محيطة بهم، مطبقة عليهم من كلّ جانب، كما قال تعالى:{إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ}[الهمزة ٨/ ١٠٤]، وقال:{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ}[التوبة ٤٩/ ٩]، وقال:{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ}[الزمر ١٦/ ٣٩].
{وَكَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ} ومثل هذا الجزاء نجزي الظالمين لأنفسهم ولغيرهم من الناس. وهذا دليل على أن المجرمين والظالمين هم الكافرون: لقوله تعالى: {وَالْكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ}[البقرة ٢٥٤/ ٢]، وبدليل أن الذين تقدّم ذكرهم هم المكذبون بآيات الله.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآيتان على ما يلي:
١ - أعمال الكافرين المكذبين بآيات الله، المستكبرين عنها غير مقبولة، فلا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم أبواب السماء.
٢ - إنّ الجنّة في السّماء؛ لأنّ المعنى: لا يؤذن لهم في الصّعود إلى السّماء، ولا تطرق لهم ليدخلوا الجنّة.
٣ - يستحيل على الكفار دخول الجنة، فلا يدخلونها البتة، ويحرمون منها أبدا وفي كلّ الأحوال.