{فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً، وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} أي فدمرنا وأهلكنا قوما أشد قوة من هؤلاء القوم المكذبين لك يا محمد، وقد سلف في القرآن ذكرهم أكثر من مرة وعرفت سنة الله فيهم، وإذا علمتم ما آل إليه أمرهم بسبب تكذيب الرسل، فاحذروا الوقوع في مثل مصائرهم.
أو المثل: عبرتهم، أي جعلناهم عبرة لمن بعدهم من المكذبين أن يصيبهم ما أصابهم، كقوله تعالى:{فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ}[الزخرف ٥٦/ ٤٣] وقوله سبحانه: {سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ}[غافر ٨٥/ ٤٠].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى الأحكام والمبادئ التالية:
١ - القرآن الكريم أنزله الله بلسان العرب، لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه، وجميع ما في القرآن عربي مادة ومعنى، لفظا ونظما، فقد أقسم الله سبحانه بالقرآن أنه جعله عربيا، وأنه جعله مبيّنا، فهو المبيّن للذين أنزل إليهم، لأنّه بلغتهم ولسانهم، ولأنه الذي أبان طريق الهدى من طريق الضلالة، وأبان فيه أحكامه وفرائضه.
٢ - ليس إنزال القرآن باللغة العربية دليلا على أنه خاص بالعرب دون العجم، لأن نصوصه قاطعة الدلالة على عالمية الإسلام للناس كافة، كما هو معروف في مواضع متقدمة، لذا كان تفسير ابن زيد لقوله {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}:
لعلكم تتفكرون هو الأولى، لأنه على هذا التأويل يكون خطابا عاما للعرب