قوم ماديون يحبون البقاء في الدنيا، ويكرهون لقاء الله، فلا ثقة لهم بأنفسهم فيما يزعمون، ويظلمون في قلق وحيرة واضطراب دائم وشك يخيفهم ويزعج أعماق نفوسهم. والآية الكريمة من المعجزات المتضمنة الإخبار بالغيب، الذي تحقق فعلا، فلم يقع منهم تمني الموت في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي
قال:«لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقامهم من النار»(١).
والله سبحانه وتعالى العليم الخبير بصير عالم بما يعمل هؤلاء الذين يود أحدهم أن يعمّر ألف سنة. قال العلماء: وصف الله عز وجل نفسه بأنه بصير على معنى أنه عالم بخفيات الأمور. والبصير في كلام العرب: العالم بالشيء الخبير به، ومنه قولهم: بصير بالطب، وبصير بالفقه، وبصير بملاقاة الرجال.
{مَنْ} شرطية مبتدأ، وجملة كان واسمها وخبرها: هي خبر المبتدأ. واسم كان ضمير تقديره هو، و {عَدُوًّا} الخبر. و {لِجِبْرِيلَ} ممنوع من الصرف للعلمية (التعريف) والعجمة.
وجواب {مَنْ} الشرطية قوله: {فَإِنَّهُ} والهاء فيه تعود إلى جبريل، و {نَزَّلَهُ} أي القرآن، لدلالة الحال عليه، مثل:{إِنّا أَنْزَلْناهُ}[الدخان ٣/ ٤٤] أي القرآن، ومثل {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ}
(١) تفسير القرطبي: ٣٣/ ٢. وفي بعض النسخ «ورأوا مقاعدهم»