ظلمها وهو الكفر والمعصية، فاغتروا بذلك التأخير، ثم أخذتها بأن أنزلت العذاب بها، أي بأهلها، فتأخير العذاب من باب الإمهال، لا الإهمال، كما
جاء في الحديث الصحيح:«إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه، لم يفلته».
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١ - إن نجاح النبي محمد صلّى الله عليه وسلم في رسالته متوقف أولا على الصبر على أذى قومه، لذا علمه ربه دروس الصبر، فكانت هذه الآيات تسلية له وتعزية، فقد كان قبله أنبياء كذّبوا، ذكر الله سبعة منهم، فصبروا إلى أن أهلك الله المكذبين، فما عليه إلا أن يقتدي بهم ويصبر.
٢ - من حكمته تعالى وحلمه أنه كان يؤخر العقوبة عن أولئك الكفار المكذبين رسلهم، الملحدين الجاحدين ربهم، ثم يعاقبهم، فتكون عقوبتهم عبرة للمعتبر، مدعاة للنظر والتأمل: كيف كان تغييره ما كانوا فيه من النعم بالعذاب والهلاك.
وكذلك يفعل بالمكذبين من قريش؛ إذ ما جرى على النظير يجري على نظيره عقلا وعادة وعدلا.
٣ - تدل هذه الآية {فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ} على أنه سبحانه يفعل بقوم النبي صلّى الله عليه وسلم كل ما فعل بالأقوام الآخرين الغابرين إلا عذاب الاستئصال، فإنه لا يفعله بقوم محمد صلّى الله عليه وسلم، وإن كان قد مكّنهم من قتل أعدائهم وثبّتهم.
قال الحسن البصري: السبب في تأخر عذاب الاستئصال عن هذه الأمة أن ذلك العذاب مشروط بأمرين: