قال سعيد بن المسيّب: أنزلت هذه الآية في أناس كانوا إذا خرجوا مع النبي صلّى الله عليه وسلم وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك، وكانوا يتقون أن يأكلوا منها ويقولون: نخشى ألا تكون أنفسهم بذلك طيبة، فأنزل الله تعالى هذه الآية:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ.}. وهذا ما اختاره ابن جرير.
والآية وإن نزلت في تحرج أصحاب الأعذار هؤلاء من الأكل في بيوت من خلفوهم على بيوتهم، إلا أنها ذكرت حكما عاما لكل الناس. ومعنى نفي الحرج من أكل الناس في بيوتهم إظهار التسوية بين أكلهم من بيوتهم وأكلهم من بيوت أقاربهم وموكليهم وأصدقائهم.
الثانية-رفع الإثم عن المعذورين في التخلف عن الجهاد:
قال الحسن البصري: نزلت الآية في ابن أم مكتوم وضع الله عنه الجهاد، وكان أعمى.
وقال أبو حيان: إن الآية تنفي الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض في القعود عن الجهاد، وتنفي الحرج عن المخاطبين في أن يأكلوا من بيوت الذين ذكرهم الله. والجمع بينهما في مقام الإفتاء والبيان مقبول غير مستغرب. ووجه اتصال الآية حينئذ بما قبلها أنه تعالى بعد أن ذكر حكم الاستئذان، بيّن أن تخلف أصحاب الأعذار عن الجهاد لا يحتاج إلى إذن النبي صلّى الله عليه وسلم.
الثالثة-نفي الحرج عن الناس في مؤاكلة المرضى؛
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما أنزل الله تبارك وتعالى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ} تحرّج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزمنى والعرج،