للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو صفة جارية على الفعل، فقد يسمّى بها من يحكم بغير الحقّ. {مُفَصَّلاً} مبيّنا فيه الحقّ والباطل، والحلال والحرام. {الْمُمْتَرِينَ} المترددين الشّاكين.

{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} المراد بالتّمام هنا: أن كلمة الله وافية في الإعجاز، والدّلالة على صدق الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، والمراد بالكلمة هنا: القرآن. وأصل معنى تمام الشيء: انتهاؤه إلى حدّ لا يحتاج معه إلى شيء خارج عنه. {صِدْقاً} الصدق يكون في الأخبار ومنها المواعيد. {وَعَدْلاً} العدل يكون في الأحكام. {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ} التّبديل: التّغيير بالبدل، والمعنى: لا مبدّل لكلمات الله بنقض أو خلف.

المناسبة:

بعد أن ندّد الله تعالى بالكفار الذين أقسموا بالله ليؤمنن بالآيات إذا جاءتهم، وأبان أنه لا فائدة في إظهار تلك الآيات؛ لأنه تعالى لو أظهرها لبقوا مصرّين على كفرهم، أبان هنا أنّ الدّليل الدّال على نبوّة محمد صلّى الله عليه وسلّم قد حصل من وجهين:

الأول-أنه أنزل إليه الكتاب المفصّل المبين المشتمل على العلوم الكثيرة والفصاحة الكاملة، وقد عجز الخلق عن معارضته، مما يدلّ على صدق نبوّته.

والثاني-اشتمال التّوراة والإنجيل على الآيات الدّالة على أنّ محمدا صلّى الله عليه وسلّم رسول حقّ، وعلى أنّ القرآن كتاب حقّ من عند الله، وهو المراد بقوله: {وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}.

والوجهان مذكوران في قوله تعالى: {قُلْ: كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} [الرعد ٤٣/ ١٣].

وبعد أن بيّن تعالى أنّ القرآن معجز، ذكر أنّه تمّت كلمة ربّك، أي القرآن، والمراد: تمّ القرآن في كونه معجزا دالاّ على صدق محمد عليه الصّلاة والسّلام.

التّفسير والبيان:

يأمر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يقول لهؤلاء المشركين بالله الذين يعبدون غيره:

<<  <  ج: ص:  >  >>