{سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ}: نزلت هذه الآية في اليهود، كان الحاكم منهم إذا أتاه من كان مبطلا في دعواه برشوة، سمع كلامه، وعول عليه، ولا يلتفت لخصمه، فكان يأكل السحت، ويسمع الكذب، وكان الفقراء منهم يأخذون من أغنيائهم مالا ليقيموا على ما هم عليه من اليهودية، ويسمعون منهم الأكاذيب لترويج اليهودية والطعن على الإسلام، فالفقراء كانوا يأكلون السحت الذي يأخذونه منهم، ويسمعون الكذب، فهذا هو المشار إليه بقوله تعالى:
{سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ، أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ}. وقيل: سماعون للكذب الذي كانوا ينسبونه إلى التوراة أكالون للربا، كما قال تعالى:{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}[النساء ١٦١/ ٤].
المناسبة:
لما بيّن الله تعالى بعض التكاليف والشرائع، وأعرض عنها بعض الناس متسارعين إلى الكفر، صبّر الله رسوله على تحمل ذلك، وأمره بأن لا يحزن لأجل ذلك، فقال:{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ.} ..
وقد خاطب تعالى نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم بقوله:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ} في مواضع كثيرة، وما خاطبه بقوله:{يا أَيُّهَا الرَّسُولُ} إلا في موضعين:
أحدهما-هاهنا، والثاني- {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[المائدة ٦٧/ ٥] وهذا خطاب تشريف وتعظيم.
التفسير والبيان:
نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر، الخارجين عن طاعة الله ورسوله، المقدمين آراءهم وأهواءهم على شرائع الله عز وجل: وهم المنافقون واليهود.