بالمحق من المبطل، وبمن جاء بالحق الداعي إلى الرشاد، وأهله للفلاح الأعظم، ومن الذي له العاقبة المحمودة في الدنيا بالنصر والظفر والتأييد، وفي الآخرة بالثواب والرحمة والرضوان كقوله:{أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ، جَنّاتُ عَدْنٍ}[الرعد ٢٢/ ١٣ - ٢٣]{وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدّارِ}[الرعد ٤٢/ ١٣]، وسيفصل بيني وبينكم، إنه لا يفلح المشركون بالله عز وجل، ولا يظفرون بالفوز والنجاة والمنافع، بل يكونون على ضد ذلك.
وفي الآية أسلوب أدبي رفيع من الخطاب والجدل والمناظرة، فهو لم يعلن أنه المحق وغيره المبطل الضال، وإنما ردد ذلك ليجعل للعقل في النقاش دورا في الحكم النهائي وتغليب الأصح الأصوب، وهذا كقوله صلّى الله عليه وسلم للمشركين:{وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[سبأ ٢٤/ ٣٤].
كما أن نهاية الآية زجر لهم عن العناد الذي ظهر منهم، وإيماء بأنهم خاسرون في هذا الجدال، وسيكون لهم الخيبة والفشل في المستقبل.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - ضرورة التسلح بمختلف القوى المادية والمعنوية عند لقاء العدو، فقد طلب موسى من ربه تأييده بأخيه هارون، ليكون له عونا ووزيرا، ومدافعا ومبينا حجج الله وبيّناته في دعوة فرعون وقومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فإنه إذا لم يكن له وزير ولا معين لا يكادون يفقهون عنه، وربما تعرّض لأذى، فيدفعه عنه.
٢ - إن السؤال المنطقي والدعاء المناسب للحال مستجاب متحقق، لذا أجاب الله طلب موسى عليه السلام، وقال له: سنقويك بأخيك، ونجعل لكما حجة