للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

هذه قصة يونس عليه السلام، تبين مدى فضل الله وإنعامه عليه، كما أنعم على الأنبياء المتقدمين الذين ذكر قصصهم، وأجاب دعاءهم بعد الكرب والشدة، ومقاساة الأهوال، والصبر على العناء.

التفسير والبيان:

{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً} أي واذكر أيها الرسول قصة يونس بن متى عليه السلام حين بعثه الله إلى أهل قرية نينوى (من أرض الموصل) وكان اسم ملكها «حزقيا» فدعاهم إلى الله تعالى وإلى توحيده وطاعته، فأبوا عليه، وتمادوا على كفرهم، فخرج من بينهم مغاضبا لهم، وأوعدهم بالعذاب بعد ثلاث.

فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم، وفرقوا بين الأمهات وأولادها، ثم تضرعوا إلى الله عز وجل، ورغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وسخالها، فرفع الله عنهم العذاب، كما قال تعالى: {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ، فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ، لَمّا آمَنُوا، كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ} [يونس ٩٨/ ١٠].

وأما يونس عليه السلام: فإنه ذهب، فركب مع قوم في سفينة، فاضطربت بهم وخافوا أن يغرقوا، فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم في البحر، للتخفيف، فوقعت القرعة على يونس، فأبوا أن يلقوه، ثم أعادوها، فوقعت القرعة عليه أيضا فأبوا، ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا، كما قال تعالى:

{فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات ١٤١/ ٣٧] أي وقعت عليه القرعة.

فقام يونس عليه السلام، وتجرد من ثيابه، ثم ألقى نفسه في البحر،

<<  <  ج: ص:  >  >>