{مَنْ أَمَرَ} في وضع نصب على الاستثناء المنقطع، وإن جعلت بمعنى الجماعة الذين يتناجون كان {مِنْ} في موضع جر على البدل من الهاء والميم في {نَجْواهُمْ} وهو بدل بعض من كل.
المفردات اللغوية:
{نَجْواهُمْ} النجوى: المسارّة بالحديث أو السر بين اثنين، أي لا خير في كثير من نجوى الناس أي ما يتناجون فيه ويتحدثون إلا نجوى من أمر بصدقة أو معروف (عمل بر) أو إصلاح بين الناس. ويصح كونه جمع نجي بمعنى جماعة المتناجين، أي المتسارّين {أَوْ مَعْرُوفٍ} ما يقره الشرع والعقل الصحيح وتتلقاه النفوس بالقبول {اِبْتِغاءَ} طلب {مَرْضاتِ اللهِ} لا غيره من أمور الدنيا.
{وَمَنْ يُشاقِقِ} يعادي ويخالف، كأن كل واحد من المتعاديين يكون في شق.
سبب النزول:
نزلت في تناجي أهل طعمة بن أبيرق ليلا بالفساد وتعاونهم على الشر وإلصاق تهمة السرقة باليهودي.
وروي أن طعمة لما حكم عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقطع، هرب إلى مكة، وارتد عن الإسلام، ومات مشركا، فنزلت الآية:
{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ..}. الآية.
المناسبة:
موضوع الآيتين متصل بما قبلهما وهو أمر الذين يختانون أنفسهم، ويستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهم طعمة بن أبيرق ومساعدوه الذين تآمروا في السر لإيقاع البريء بالسرقة، فبيّن الله تعالى هنا أن كل حديث سري أو تدبير خفي أو مناجاة لا خير فيه إلا ما كان بقصد التعاون أو الأمر بالمعروف أو الإصلاح، ثم ذكر الله تعالى أن مخالفة أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم واتباع غير سبيل جماعة المؤمنين جرم عظيم يستوجب دخول نار جهنم.