{فَمَنْ أَظْلَمُ} أي لا أحد. {اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً} بنسبة الشريك إليه. {أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ} القرآن فكفر بها. {إِنَّهُ} أي الشأن. {لا يُفْلِحُ} لا يسعد. {الْمُجْرِمُونَ} المشركون.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى شبهتين للمشركين (وهما التعجب من إنزال الوحي على بشر وتخصيص محمد بالنبوة، والمطالبة بتعجيل العذاب إن كان ما يقول محمد حقا، ثم أثبت لهم الألوهية والتوحيد والقدرة على الوحي والبعث بخلق العالم وبطبيعة الإنسان وتاريخه وغرائزه، ذكر هنا النوع الثالث من شبهاتهم في الطعن في نبوة النبي صلى الله عليه وسلّم، وهو التشكك في القرآن، لذا طالبوه بأحد أمرين:
أن يأتيهم بقرآن غير هذا القرآن، أو أن يبدل هذا القرآن. روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن خمسة من الكفار كانوا يستهزئون بالرسول عليه الصلاة والسلام وبالقرآن: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن حنظلة، فقتل الله كل رجل منهم بطريق آخر، كما قال:{إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}[الحجر ٩٥/ ١٥] فذكر تعالى أنهم كلما تليت عليهم آيات: {قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا: اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ}.
التفسير والبيان:
إذا قرأ الرسول صلى الله عليه وسلّم على المشركين كتاب الله وحججه الواضحة، قالوا له:
{اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا} أي رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر، ليس فيه ما يعيب آلهتنا ولا ما لا نؤمن به من البعث والجزاء على الأعمال، أو بدّله إلى وضع آخر، بأن تجعل مكان آية الوعيد آية أخرى.
ومقصدهم من هذه المساومة إذا نفّذ اقتراحهم إبطال دعواه أن القرآن كلام