{فِيهِ شِفاءٌ} الهاء تعود إلى الشراب، أو إلى القرآن. و {شِفاءٌ} يرتفع بالظرف على كلا المذهبين، إذا جعل وصفا لشراب، كما ارتفع ألوانه بمختلف؛ لأنه وصف للشراب.
البلاغة:
{كُلِي مِنْ كُلِّ} فيهما جناس ناقص.
{يَسْمَعُونَ}{يَعْقِلُونَ}{يَعْرِشُونَ}{يَتَفَكَّرُونَ} فيها سجع.
{الْأَنْعامِ} الإبل والبقر والغنم. {لَعِبْرَةً} اعتبارا وعظة، وأصل العبرة: تمثيل الشيء بالشيء لتعرف حقيقته من طريق المشاكلة والمشابهة. {نُسْقِيكُمْ} بيان للعبرة. {مِمّا فِي بُطُونِهِ} أي الأنعام. {مِنْ بَيْنِ} من للابتداء متعلقة ب {نُسْقِيكُمْ}. {فَرْثٍ} خلاصة المأكول في الكرش والأمعاء. {خالِصاً} مصفى من الشوائب، لا يشوبه شيء من الفرث والدم من طعم أو ريح أو لون، وهو بينهما. {سائِغاً لِلشّارِبِينَ} سهل المرور في الحلق، لا يغص به. {تَتَّخِذُونَ} أي ثمر تتخذون منه {سَكَراً} خمرا يسكر، سميت بالمصدر، وهذا قبل تحريمها وفي أول مراحل التحريم، لأنه وصف الرزق بالحسن، ولم يوصف السكر بذلك. {وَرِزْقاً حَسَناً} جميع ما يؤكل طازجا أو غير متخمر من هاتين الشجرتين كالعنب والزبيب والتمر والخل والدبس. {إِنَّ فِي ذلِكَ} المذكور {لَآيَةً} دالة على قدرته تعالى. {يَعْقِلُونَ} يتدبرون.
{وَأَوْحى} ألهم وعلم، كالطبيعة والغريزة في الحيوان. {أَنِ اتَّخِذِي} أن مفسرة أو مصدرية. {بُيُوتاً} تأوين إليها، أي أوكارا. {وَمِنَ الشَّجَرِ} بيوتا. {وَمِمّا يَعْرِشُونَ} أي مما يبنيه الناس لك من الأماكن، أي يصنعونه من الخلايا من طين أو خشب أو غيرهما.
{فَاسْلُكِي} ادخلي. {سُبُلَ رَبِّكِ} طرقه ومسالكه لامتصاص الأزهار والثمار وغيرها وتحويلها بقدرة الله عسلا طيبا. {ذُلُلاً} جمع ذلول أي مسخرة لك، منقادة طائعة لا تتوعر عليك ولا تلتبس، وهو حال من السبل، أي لا تعسر عليك وإن توعرت، ولا تضل عن العود منها وإن بعدت. {شَرابٌ} هو العسل {مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ} من أبيض وأصفر وأحمر وأسود، بحسب نوع المرعى {فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ} من الأوجاع، إما بعضها بدليل تنكير كلمة {شِفاءٌ} كالأمراض البلغمية، وإما كلها مع ضميمة غيره إليه، كسائر الأمراض، إذ قلما يكون معجون إلا والعسل جزء منه.