ويقبلوا على طلب الدين، فإن ضرب الأمثال الواقعية يستدعي عمق التأمل، وتغيير المواقف، وفيه تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم في تكذيب قومه.
التفسير والبيان:
{وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ، وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي واذكر أيها النبي لقومك أخا عاد: وهو هود عليه السلام الذي كان أخاهم في النسب، لا في الدين، بعثه الله إلى عاد الأولى الذين كانوا يسكنون الأحقاف في حضر موت، جمع حقف: وهو الهضبة من الرمل العظيم، وهو الأصح، أو واد يدعى برهوت، وأعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبل هود وبعده أنذروا نحو إنذاره بألا يعبدوا غير الله ولا يشركوا معه إلها آخر، فإني أخشى عليكم عذاب يوم عظيم الأهوال.
{قالُوا: أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا؟ فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} أي قال قومه له: هل جئتنا لتصرفنا وتصدنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة ما تدعونا إليه، فأتنا بما تعدنا من العذاب العظيم إن كنت صادقا في قولك ووعدك لنا به على الشرك.
وهذا دليل واضح على أنهم استعجلوا عذاب الله وعقوبته، استبعادا منهم وقوعه، وإنكارا لحصوله، كقوله سبحانه:{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها}[الشورى ١٨/ ٤٢]. وفيه دلالة على أن الوعد قد يستعمل في موضع الوعد.