للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام سأل الرؤية، ولا يسأل إلا الجائز، فلو كانت الرؤية ممتنعة على الله تعالى لما سألها، وحيث سألها، علمنا أن الرؤية جائزة على الله تعالى.

ثم إن التجلي في قوله تعالى: {فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} هو إما ظهور بالرؤية أو الدلالة، وبما أن الرؤية غير مقدورة للإنسان، فكان المراد ظهور آياته التي أحدثها لحاضري الجبل، أي أن المقصود تقرير أن الإنسان لا يطيق رؤية الله تعالى، بدليل أن الجبل مع عظمته لما رأى الله تعالى اندك وتفرقت أجزاؤه.

وفي نهاية الحادثة تسلية موسى عليه السلام عن منع الرؤية، وكأنه قال له:

إن كنت قد منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم العظيمة كذا وكذا، فلا يضيق صدرك بسبب منع الرؤية. وهذا أيضا يدل على أن الرؤية جائزة على الله تعالى (١).

[عقوبة التكبر والكفر بصرف المتكبرين عن فهم أدلة العظمة الإلهية]

{سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٤٦) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤٧)}


(١) تفسير الرازي: ٢٢٩/ ١٤ - ٢٣٥، أحكام القرآن للجصاص: ٣٤/ ٣ - ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>