المسروق لا غير، وكان ذلك سنة آل يعقوب. {كَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ} أي مثل هذا الجزاء جزاء الظالمين بالسرقة، وهذا تصريح منهم ليوسف بتفتيش أوعيتهم.
{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ} ففتشها. {قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ} قبل تفتيش وعاء أخيه بنيامين لئلا يتهم. {ثُمَّ اسْتَخْرَجَها} أي السقاية أو الصواع. {كَذلِكَ كِدْنا} أي مثل ذلك الكيد (أي التدبير الخفي) كدنا ليوسف، علمناه الحيلة في أخذ أخيه وأوحينا به إليه. {ما كانَ} يوسف.
{لِيَأْخُذَ أَخاهُ} رقيقا من السرقة. {فِي دِينِ الْمَلِكِ} في قانون أو نظام أو حكم أو شرع ملك مصر؛ لأن جزاءه في ذلك النظام الضرب وتغريم مثلي المسروق، لا الاسترقاق. {إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ} أن يجعل ذلك الحكم حكم الملك، وهو أخذه بحكم أبيه، أي لم يتمكن من أخذه إلا بمشيئة الله بإلهامه سؤال إخوته، وجوابهم بنظامهم أو سنتهم. والاستثناء متصل من أعم الأحوال، ويجوز أن يكون استثناء منقطعا، أي لكن أخذه بمشيئة الله وإذنه.
الربط بين الآيات هنا واضح، إذ هي تعرض أجزاء ومشاهد قصة واحدة ذات حلقات متسلسلة، فبعد أن اتجه أولاد يعقوب إلى مصر لجلب الميرة، مزودين بوصية والدهم، وصلوا إلى مكان وجود العزيز الذي يتولى بيع الطعام للناس، فلما دخلوا عرف أخاه وضمه إليه.
التفسير والبيان:
حينما دخل أولاد يعقوب على يوسف في مجلسه الخاص ومنزل ضيافته، ومعهم أخوه شقيقه بنيامين، بعد أن كانوا دخلوا القصر من أبواب متفرقة، ضم إليه أخاه واختلى به، وأطلعه على شأنه، وعرّفه أنه أخوه، وقال له: لا تبتئس أي لا تأسف ولا تحزن على ما صنعوا بي، وأمره ألا يطلع إخوته على ما أطلعه عليه من أنه أخوه، وتواطأ معه أنه سيتخذ تدبيرا يبقيه عنده معززا مكرما.
روي أنهم قالوا له: هذا أخونا، قد جئناك به، فقال لهم: أحسنتم