قال أبو العباس المبرد: كان ناس من بني إسرائيل، جاءهم النّبيون يدعونهم إلى الله عزّ وجلّ، فقتلوهم، فقام أناس من بعدهم من المؤمنين، فأمروهم بالإسلام، فقتلوهم؛ ففيهم نزلت هذه الآية.
وروى أبو عبيدة بن الجراح أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيّا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عبّاد بني إسرائيل، فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، فقتلوا جميعا في آخر النهار من ذلك اليوم، وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية. ذكره المهدي وغيره.
فهذه الآية جاءت وعيدا لمن كان في زمانه صلّى الله عليه وسلّم.
التفسير والبيان:
كانت الآيات السابقة في تبيان اختلاف أهل الكتاب الذي نشأ من البغي بعد أن جاءهم العلم اليقيني، وفي محاجّة أهل الكتاب والمشركين للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم ذكر هنا موقف اليهود من الأنبياء، ومنهم النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي همّوا أيضا بقتله زمن نزول الآية، ويتمثّل موقفهم فيما يأتي:
إن الذين يجحدون من اليهود بآيات الله بعد معرفتها في كتبهم، ويقتلون الأنبياء، كما فعلوا بزكريا ويحيى عليهما السلام بغير شبهة لديهم، ولا حق ولا ذنب إلا أنهم قالوا: ربّنا الله، وجهروا بالحق، وبلغوا الرّسالة، ويقتلون الحكماء الذين يأمرون الناس بالعدل والقسط، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ومرتبة هؤلاء في الإرشاد تلي مرتبة الأنبياء، أنبئ هؤلاء بالعذاب الأليم في الدّنيا والآخرة. هؤلاء الذين ارتكبوا هذه الجرائم الشنيعة، البعيدون في الضلال، بطلت أعمالهم في الدّنيا والآخرة، وما لهم في الآخرة من ناصرين ينصرونهم من