{وَما أَعْجَلَكَ..}. {ما} مبتدأ، و {أَعْجَلَكَ} خبره، وفيه ضمير يعود إلى {ما} وتقديره: أي شيء أعجلك؟.
{يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً}{وَعْداً} إما منصوب على المصدر، تقول: وعدته وعدا، كضربته ضربا، وإما أن يكون الوعد بمعنى الموعود، كالخلق بمعنى المخلوق، فيكون مفعولا به ثانيا ل {يَعِدْكُمْ} على تقدير حذف مضاف، أي تمام وعد حسن.
{ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا} بالفتح: هو اسم أي بإصلاح ملكنا ورعايته، ومن ضم الميم جعله مصدر «ملك» يقال: ملك بين الملك، ومن كسر الميم جعله مصدر «مالك» يقال: مالك بين الملك، والمصدر هنا مضاف إلى الفاعل.
{فَنَسِيَ} الفاعل إما {السّامِرِيُّ} أي نسي طاعتنا وتركها، والنسيان بمعنى الترك، قال تعالى:{نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}[التوبة ٦٧/ ٩] أي تركوا طاعة الله فتركهم في النار، وإما الفاعل {مُوسى} أي ترك موسى ذلك وأعرض عنه، والأول أوجه.
{أَلاّ يَرْجِعُ}«أن» مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف: أنه.
المفردات اللغوية:
{وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ} لمجيء ميعاد أخذ التوراة، وهو يدل على تقدم قومه في المسير إلى المكان، وهو سؤال عن سبب العجلة، يتضمن إنكارها، من حيث إنها نقيصة في نفسها، انضم إليها إغفال القوم، وإيهام التعظم عليهم، فأجاب موسى عن الأمرين، وقدم جواب الإنكار؛ لأنه أهم فقال:{هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي} أي ما تقدمتهم إلا بخطي يسيرة لا يعتد بها عادة، وهم قادمون ورائي، ليس بيني وبينهم إلا مسافة قريبة، يتقدم الرفقة بها بعضهم بعضا. ثم قال:{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى} عني، أي زيادة على رضاك، فإن المسارعة إلى امتثال أمرك والوفاء بعهدك يوجب مرضاتك. وقبل الجواب أتى بالاعتذار بحسب ظنه. يقال: جاء على أثره: أي لحقه بلا تأخير.
قال تعالى:{فَإِنّا قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ} أي ابتليناهم واختبرناهم بعبادة العجل، بعد فراقك لهم، وأضلهم موسى السامري: أي أوقعهم في الضلال والخسران، باتخاذ العجل والدعاء إلى عبادته. وهم الذين خلفهم مع هارون، وكانوا ست مائة ألف، ما نجا من عبادة العجل منهم إلا اثنا عشر ألفا. وقرئ: وأضلهم السامري، أي أشدهم ضلالة؛ لأنه كان ضالا مضلا.
والسامري: منسوب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها السامرة.