{يُخْزِيهِمْ} يذلّهم أو يعذّبهم بالنار؛ لقوله تعالى:{رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}[آل عمران ١٩٢/ ٣]. {وَيَقُولُ: أَيْنَ شُرَكائِيَ} أي ويقول الله لهم على لسان الملائكة توبيخا: أين شركائي بزعمكم؟ {تُشَاقُّونَ} تعادون المؤمنين وتنازعون الأنبياء في شأنهم. {قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} أي ويقول الأنبياء والمؤمنون العلماء الذين كانوا يدعونهم إلى التوحيد، فيشاقونهم ويتكبرون عليهم، أو يقول الملائكة:{إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ} الذلّة والعذاب على الكافرين، وفائدة قولهم: إظهار الشماتة بهم وزيادة الإهانة، وإيراده بقصد وعظ من سمعه.
{ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} بالكفر. {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ}: {السَّلَمَ}: الاستسلام والخضوع، والمعنى: انقادوا واستسلموا عند الموت، وأقرّوا لله بالرّبوبية، أو سالموا حين عاينوا الموت. {ما كُنّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} أي قائلين: ما كنّا نعمل من كفران أو شرك، وعدوان. {بَلى} نعم، أي فتجيبهم الملائكة {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فهو يجازيكم عليه. {فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ} أي ليدخل كلّ صنف بابه المعدّ له. وقيل:{أَبْوابَ جَهَنَّمَ} أصناف عذابها. {مَثْوَى} مأوى، والمثوى: مكان الإقامة.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى أدلّة التوحيد وأدلة بطلان عبادة الأصنام، أعقب ذلك ببيان شبهات منكري النّبوة، وأولها الطعن في القرآن الذي احتج النّبي صلّى الله عليه وسلّم على صحة نبوّته بأنه معجزة، فقالوا: أساطير الأولين، وليس هو من جنس المعجزات، فأهلكهم الله في الدّنيا، وسيعاقبهم في الآخرة بما فعلوا، فيقولون مستسلمين حين رؤية العذاب: ما كنّا نعمل من سوء، أي كفر وشرك وعدوان.
التفسير والبيان:
تذكر هذه الآيات شبهات منكري النّبوة التي هي صفات المكذّبين المستكبرين.
الشّبهة الأولى (١) -طعنهم في القرآن بأنه أساطير الأولين:{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ.}.
(١) الشبهة الثانية ستأتي في الآية (٣٣)، والشبهة الثالثة في الآية (٣٥)، والشبهة الرابعة في الآية (٣٨).