للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ} أي يخبر الإنسان في يوم القيامة أثناء العرض والحساب بجميع أعماله التي قدمها من خير أو شر، قديمها وحديثها، أولها وآخرها، صغيرها وكبيرها، كما قال تعالى: {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف ٤٩/ ١٨].

ثم بيّن أن الإنسان عالم بأعماله، فقال:

{بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ} أي بل إن الإنسان شهيد على نفسه، عالم بما فعله، فهو حجة بيّنة على أعماله، ولو اعتذر وأنكر، كما قال تعالى: {اِقْرَأْ كِتابَكَ، كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء ١٤/ ١٧] والآية إضراب عن الإخبار بأعمال الإنسان إلى مرتبة أوضح وأعرف.

وقال ابن عباس وغيره: إن المراد سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه.

والمعاذير في رأي الواحدي والزمخشري: اسم جمع للمعذرة، كالمناكير للمنكر، ولو كان جمعا لقيل: معاذر، بغير ياء. والمراد بقوله: {وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ}: ولو اعتذر يومئذ بباطل لا يقبل منه، وقيل: ولو جادل عنها، فهو بصير عليها، وقيل: معاذيره: حجته، وهذا قول مجاهد، قال ابن كثير:

والصحيح قول مجاهد وأصحابه، كقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا:}

{وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام ٢٣/ ٦] وكقوله تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ} [المجادلة ١٨/ ٥٨].

فقه الحياة أو الأحكام:

يستفاد من الآيات ما يأتي:

١ - أقسم الله سبحانه بيوم القيامة تعظيما لشأنه، كما أنه أقسم أيضا بنفس

<<  <  ج: ص:  >  >>