للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاغة:

{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} في قوله: {الْمُرْسَلِينَ}: مجاز مرسل، من قبيل إطلاق الكل وإرادة البعض، فإنه أراد بالمرسلين نوحا، وذكره بصيغة الجمع تعظيما له، وتنبيها على أن من كذب رسولا، فقد كذب جميع المرسلين.

{فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً} استعارة تبعية، استعار المفتاح للحاكم، والفتح للحكم؛ لأنه يفتح المنغلق من الأمر، والمعنى: احكم بيننا وبينهم بحكمك العادل.

المفردات اللغوية:

{قَوْمُ} اسم لا واحد له من لفظه، كرهط‍ ونفر، يذكر ويؤنث، وتذكيره باعتبار لفظه، وتأنيثه باعتبار معناه {الْمُرْسَلِينَ} المراد به نوح عليه السلام، عبر عنه بصيغة الجمع تعظيما له، ولأن من كذب رسولا فقد كذب جميع المرسلين، لاشتراكهم برسالة التوحيد، أو لأنه لطول لبثه فيهم كأنه رسل. {أَخُوهُمْ} أي أخوة نسب أو جنس لا أخوة دين؛ لأنه كان منهم. {أَلا تَتَّقُونَ} الله، فتتركوا عبادة غيره. {رَسُولٌ أَمِينٌ} مشهور بالأمانة فيكم، وأمين على تبليغ ما أرسلت به.

{فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ} فيما آمركم به من توحيد الله وإطاعته. {وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ} على تبليغه. {إِنْ أَجْرِيَ} ما ثوابي إلا على الله. {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ} كرره للتأكيد. {أَنُؤْمِنُ لَكَ} أنصدق لقولك. {وَاتَّبَعَكَ} وفي قراءة: وأتباعك. {الْأَرْذَلُونَ} السفلة، الأقلون جاها ومالا، كأهل الحرف والمهن الوضيعة من الحاكة والأساكفة ونحوهم، جمع أرذل، والرذالة: الخسة والدناءة. وهذا من سخافة عقولهم وقصور نظرهم على المادة وحطام الدنيا، وإشارة إلى أن اتّباعهم ليس عن نظر وبصيرة، وإنما هو لتوقع مال ورفعة، لذلك قال: {وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} أي لا علم لي بأنهم عملوه إخلاصا، أو طمعا في شيء، وما على إلا اعتبار الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>