١ - الأخذ بالعفو: وهو السّهل من أخلاق الناس وأعمالهم، دون تكليفهم بما يشق عليهم ومن غير تجسّس، وإنما يؤخذ بالسّمح السّهل، واليسر دون العسر، كما
ورد في الحديث الذي أخرجه أحمد والشّيخان والنّسائي عن أنس بن مالك عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم:«يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفّروا». ويدخل في العفو:
صلة القاطعين أرحامهم، والعفو عن المذنبين، والرّفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين.
وهذا هو الصّنف الأول من الحقوق التي تستوفي من الناس وتؤخذ منهم بطريق المساهلة والمسامحة، ويشمل ترك التّشدد في كل ما يتعلّق بالحقوق المالية، والتّخلّق مع الناس بالخلق الطّيّب، وترك الغلظة والفظاظة، كما قال تعالى:
{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران ١٥٩/ ٣] ومن هذا القسم: الدّعوة إلى الدّين الحق بالرّفق واللطف، كما قال تعالى:{وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النّحل ١٢٥/ ١٦].
والخلاصة: إن المراد بالعفو: الأخذ باليسر والسّماحة ودفع الحرج والمشقة عن الناس في الأقوال والأفعال، وما خيّر صلّى الله عليه وآله وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما، كما أخرج الترمذي ومالك.
٢ - الأمر بالعرف وهو المعروف والجميل من الأفعال: وهو كل ما أمر به الشرع، وتعارفه الناس من الخير، واستحسنه العقلاء، فالمعروف: اسم جامع لكل خير من طاعة وبرّ وإحسان إلى الناس. وهذا هو النوع الثاني من الحقوق التي لا يجوز التّساهل والتّسامح فيه، ويراد به ما هو معهود بين الناس في المعاملات والعادات. ولا يذكر المعروف في القرآن إلا في الأحكام المهمة، مثل