وأخرج عبد الرزاق عن قتادة: أن رجلا جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد، إن مدحي زين، وإن شتمي شين، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ذاك هو الله، فنزلت:
{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ} الآية. وهو خبر مرسل له شواهد مرفوعة من حديث البراء وغيره عند الترمذي، بدون نزول الآية، وأخرج ابن جرير نحوه عن الحسن.
وأخرج أحمد بسند صحيح عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من وراء الحجرات، فلم يجبه، فقال: يا محمد، إن حمدي، لزين، وإن ذمي لشين، فقال «ذلكم الله».
وقال محمد بن إسحاق وغيره: نزلت في جفاة بني تميم، قدم وفد منهم على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فدخلوا المسجد، فنادوا النبي صلّى الله عليه وسلّم من وراء حجرته أن اخرج إلينا يا محمد، فإن مدحنا زين، وإن ذمنا شين، فآذى ذلك من صياحهم النبي صلّى الله عليه وسلّم، فخرج إليهم، فقالوا: إنا جئناك يا محمد نفاخرك، ونزل فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}. وكان فيهم الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، والزّبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم.
التفسير والبيان:
هذه باقة من الآداب الخاصة في معاملة النبي صلّى الله عليه وسلّم من قبل المؤمنين على أساس من التوقير والاحترام والتعظيم.
١ - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَاتَّقُوا اللهَ، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي يا أيها المؤمنون إيمانا صحيحا، لا تتقدموا ولا تتعجلوا بقول أو حكم أو قضاء في أمر ما أو فعل قبل قضاء الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم لكم فيه، فربما تقضون بغير حق، واتقوا الله في كل أموركم، وراقبوه في عدم تخطي ما لم