يأذن به الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فإن الله سميع لأقوالكم، عليم بأفعالكم ونياتكم، لا يخفى عليه شيء منكم.
وهذا نهي واضح عن مخالفة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وذكر الرسول، لأنه مبلّغ عن الله تعالى شرعه ودينه. قال ابن عباس في الآية:
لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة. وقال الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم من شرائع دينكم.
والآية شاملة أيضا ترتيب مصادر الاجتهاد،
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، حيث قال له النبي صلّى الله عليه وسلّم حين بعثه إلى اليمن:«بم تحكم؟ قال: بكتاب الله تعالى، قال فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما يرضي رسول الله» وهذا يعني أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدمه لكان تقديما بين يدي الله ورسوله. والخلاصة: هذا أدب شامل القول والفعل والاجتهاد، ثم ذكر الله تعالى أدبا في القول فقال:
٢ - {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله إذا تكلمتم مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم فلا ترفعوا أصواتكم فوق صوته، لأن رفع الصوت يدل على قلة الاحتشام وترك الاحترام، وخفض الصوت وعدم رفعه من التعظيم والتوقير. وهذا أدب ثان أدّب الله تعالى به المؤمنين، وهو أدب محمود مع كل الناس أيضا.
٣ - {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} أي وإذا كلمتموه فخاطبوه بالسكينة والوقار، خلافا لما تعتادونه من الجهر بالقول الدائر بينكم، ولا تقولوا: يا محمد ويا أحمد، ولكن يا نبي الله، ويا رسول الله، توقيرا له،