{يَرْمِ بِهِ} ينسبه إليه ويقذفه به. {اِحْتَمَلَ} تحمل أي كلف نفسه أن تحمل. {بُهْتاناً} البهتان: افتراء الكذب على غيرك، مما يجعله يتحير عند سماعه ويصطدم بما يبهته.
{لَهَمَّتْ} أضمرت. {أَنْ يُضِلُّوكَ} أن يصرفوك عن القضاء بالحق بتلبيسه عليك.
{وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ} لأن وبال إضلالهم عليهم. ومن: زائدة.
سبب النزول:
روى الترمذي والحاكم وابن جرير عن قتادة بن النعمان: أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق، وكان رجلا من الأنصار، ثم أحد بني ظفر، سرق درعا لعمه كان وديعة عنده، وقد خبأها في جراب دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه، وخبأها عند زيد بن السمين من اليهود، فالتمسوا الدرع عند طعمة، فلم يجدوها، وحلف بالله: ما أخذها وما له به من علم، فساروا في أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي، فأخذوها، فقال: دفعها إليّ طعمة، وشهد له ناس من اليهود بذلك، ولكن طعمة أنكر ذلك، فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة: انطلقوا بنا إلى رسول الله، فسألوه أن يجادل عن صاحبهم، وقالوا:
إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي؛ فهمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يفعل وكان هواه معهم، وأن يعاقب اليهودي فنزلت. وهذا قول جماعة من المفسرين (١).
وروي أن طعمة هرب إلى مكة وارتد، وسقط عليه حائط في سرقة، فمات.
المناسبة:
هذه الآيات استمرار في تحذير المؤمنين من المنافقين، والاستعداد لمجاهدتهم، ومن أخطر حالات الحذر: القضاء بين الناس، فعلى المؤمنين القضاء بالحق والعدل دون محاباة أحد.