القراطيس، وما كتبت إليّ على ثمان مراحل، قال: نهاني جبريل عليه السّلام عنه، قال: سله عن السّبب، قال: أنت أبسط إليه، فسأله، فقال جبريل عليه السّلام: أمرني الله تعالى بذلك، لقولك:{وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فهلا خفتني؟! {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ} أي الكتب السّماوية وأسرار كلامك، وتعبير الرؤيا ومصداقيتها، فتقع كما ذكرت.
و {مِنَ} في قوله: {مِنَ الْمُلْكِ،} و {مِنْ تَأْوِيلِ.}. للتّبعيض، لأنه لم يؤت إلا بعض ملك الدّنيا وهو ملك مصر، وبعض التّأويل.
{أَنْتَ وَلِيِّي.}. أنت ناصري ومتولّي أموري وشأني كلّه في الدّنيا والآخرة، فإن نعمك غمرتني في الدّنيا، وأملي فيها في الآخرة.
{تَوَفَّنِي مُسْلِماً} أمتني على الإسلام منقادا خاضعا طائعا أوامرك. قال ابن عباس:«ما تمنّى نبيّ قط الموت قبل يوسف عليه السّلام».
{وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ} اجعلني ملحقا بالأنبياء والمرسلين، على العموم، وبآبائه على الخصوص وهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، فتوفّاه الله طيّبا طاهرا بمصر، ودفن في النّيل في صندوق من رخام، ثم نقل موسى عليه السّلام تابوته بعد أربع مائة سنة إلى بيت المقدس، فدفن مع آبائه.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآية إلى أن سيرة الأنبياء عليهم السّلام مثل أعلى في القدوة، فإن نعم الله تعالى على يوسف عليه السّلام في الدّنيا من إيتاء الملك وتعبير الرؤيا، لم تحجبه عن طلب مرضاة الله تعالى في الآخرة، لأن العبرة بحسن الخاتمة،