وختمت السورة بأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذى المشركين، وحذرته من التبرم والتضجر في تبليغ دعوته، حتى لا يكون مثل يونس عليه السلام:
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ.}. وأعلنت حمايته من أذاهم، ودحضت افتراءهم بأنه مجنون، وردت عليهم بأن القرآن عظة وعبرة للعالمين، فكيف يكون المنزل عليه مجنونا:{وَإِنْ يَكادُ.}. إلى آخر السورة.
فضلها:
هذه السورة من أوائل ما نزل من القرآن بمكة، فقد نزلت على ما روي عن ابن عباس:{اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ثم هذه، ثم المزمل، ثم المدثر.
{ن} في موضع نصب إما بتقدير: اقرأ نون، أو بتقدير: أقسم بنون، فحذف حرف القسم، فاتصل الفعل به، فنصبه، وعلى هذا يكون:{ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} جواب القسم. وقال أبو حيان:{ن} من حروف المعجم، نحو {ص} و {ق}، وهو غير معرب كبعض الحروف التي جاءت مع غيرها مهملة من العوامل، والحكم على موضعها بالإعراب تخرص.
{بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} أي بأيكم الفتنة، كما يقال: ماله معقول، أي عقل، وقيل: الباء في {بِأَيِّكُمُ} زائدة، وتقديره: أيكم المفتون، أي المجنون.