بالجنة {وَنَذِيراً} من كذبك وعصاك بالنار {وَداعِياً إِلَى اللهِ} إلى الإقرار به وبتوحيده وما يجب الإيمان به من صفاته وإلى طاعته {بِإِذْنِهِ} بتيسيره وأمره {وَسِراجاً مُنِيراً} أي كالسراج الوضاء يستضاء به، ويكون مثله في الاهتداء به {فَضْلاً كَبِيراً} على سائر الأمم في الدنيا، وأجرا واسعا على أعمالهم في جنات النعيم.
{وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} فيما يخالف شريعتك، والمراد به التهييج والإثارة له على ما هو عليه من مخالفتهم، تحقيقا لاستقلال الذات وصون الشريعة من الاختلاط. ويحتمل كون المراد به: الدوام والثبات على ما كان عليه {وَدَعْ أَذاهُمْ} أي اترك إلحاق الأذى والضرر بهم، وخذ بظاهرهم، وحسابهم على الله في باطنهم. {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} فوض أمرك إليه، فهو كافيك {وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} مفوضا إليه الأمر في الأحوال كلها.
{نَكَحْتُمُ} النكاح هنا العقد {أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} أي تجامعوهن، ويعبر عن الجماع في القرآن أدبا بالمس والملامسة والقربان والتغشي والإتيان {فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها} أي ليس عليهن انتظار أيام أو أقراء تستوفون عددها، يمتنعن فيها عن الزواج بآخرين، فالعدة: الشيء المعدود {فَمَتِّعُوهُنَّ} أعطوهن ما يستمتعن به، والمتعة سنة للمفروض لها المهر، وواجب لمن لم يفرض لها مهر وهي المفوضة في رأي الحنابلة والحنفية، وسنة فقط في غير المفوضة عند الجمهور، وواجبة لكل مطلّقة عند الشافعية، إلا المطلقة قبل الدخول التي سمي لها مهر، فإنه يكتفى لها بنصف المهر، وتكون المتعة سنة مستحبة لها، وهو كسوة شاملة أو ثلاثون درهما {وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} أي خلّوا سبيلهن من غير إضرار ولا إيذاء؛ إذ ليس لكم عليهن عدة.
سبب النزول:
نزول الآية (٤٧):
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}:
أخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا:
لما نزل {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ}[الفتح ٢/ ٤٨] قال رجال من المؤمنين: هنيئا لك يا رسول الله، قد علمنا بما يفعل بك، فماذا يفعل بنا، فأنزل الله {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ} الآية [الفتح ٥/ ٤٨]. وأنزل في سورة الأحزاب {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً}.
وأخرج البيهقي في دلائل النبوة عن الربيع بن أنس قال: لما نزلت: