{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} وضع الظاهر موضع الضمير أي بدلا من قوله: «ولو يرون» لبيان سبب العذاب وهو الظلم الفادح. وفي قوله:{رَأَوُا الْعَذابَ} و {تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ} ما يسمى بالترصيع، وهو أن يكون الكلام سجعا.
المفردات اللغوية:
{أَنْداداً} أصناما جمع ند: وهو النظير المماثل. {يُحِبُّونَهُمْ} يعظمونهم ويخضعون لهم، كما يفعل المحب. {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ} من حبهم للأنداد، لأنهم لا يعدلون عنه بحال ما، والكفار يعدلون في الشدة إلى الله. {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ} إذ بمعنى إذا، ويرى بمعنى يعلم، وجواب لو محذوف، والمعنى: لو علموا في الدنيا شدة عذاب الله وأن القدرة لله وحده وقت معاينتهم له وهو يوم القيامة، لما اتخذوا من دونه أندادا. أو لعلموا أن القوة لله، كما تقدم.
{تَبَرَّأَ} التبرؤ: المبالغة في التنصل والتباعد ممن يكره قربه وجواره. {اُتُّبِعُوا} أي الرؤساء. {مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} أي أنكروا إضلالهم. {الْأَسْبابُ} واحدها سبب وهو الحبل، ثم غلب في كل ما يتوصل به إلى مقصد معنوي، والمراد: الصلات والعلاقات.
{كَرَّةً} رجعة إلى الدنيا. {حَسَراتٍ} ندامات، والحسرة: شدة الندم والكمد بحيث يتألم القلب.
التفسير والبيان:
أقام الله تعالى في الآية السابقة الأدلة على وحدانيته ورحمته، وذكر هنا حال الذين لا يعقلون هذه الأدلة، فاتخذوا أندادا لله، يلتمسون منهم الخير، ويتأملون بهم دفع الشر، وهؤلاء هم المشركون وهذه حالهم مع آلهتهم في الدنيا ومصيرهم في الآخرة.
اتخذ هؤلاء المشركون أندادا وأمثالا لله وهم رؤساؤهم، أو أوثانهم وأصنامهم، يعظمونهم ويحبونهم ويطيعونهم ويعبدونهم كتعظيم الله وحبه وطاعته وعبادته، ويتقربون إليهم كتقربهم إلى الله، ويلتجئون إليهم عند الحاجة كالتجائهم إلى الله تعالى. ولكنهم في هذا كله مضطربون حيارى، فقد يلجأون إلى بشر أو صنم أو حيوان، ولا يتحقق لهم بهم مأرب، وأنهم مع عجز الأصنام يحبونهم كحب المؤمنين لله مع قدرته.