للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خرج عن ربقة الإيمان، لقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} [المنافقون ٦/ ٦٣] وقوله تعالى: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف ٥٠/ ١٨] وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النّارُ، كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها} [السجدة ٢٠/ ٣٢] (١).

لكن أكثر المفسرين على أن الوليد كان ثقة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فصار فاسقا بكذبه، والظاهر أنه سمي فاسقا تنفيرا وزجرا عن الاستعجال في الأمر من غير تثبت، فهو متأول ومجتهد، وليس فاسقا على الحقيقة.

المناسبة:

بعد أن أمر الله تعالى المؤمنين بأمرين: وهما طاعة الله تعالى والرسول صلّى الله عليه وسلّم، وخفض الصوت عند الرسول صلّى الله عليه وسلّم، لبيان وجوب احترامه، أردفه بأمر ثالث وهو وجوب التثبت من الأخبار، والتحذير من الاعتماد على مجرد الأقوال، منعا من إلقاء الفتنة بين أفراد المؤمنين وجماعتهم. وهذا أدب اجتماعي عام ضروري للحفاظ‍ على وحدة الأمة، واستئصال أسباب المنازعات فيما بينها.

التفسير والبيان:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ، فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ} أي يا أيها الذين صدقوا بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، إن أتاكم فاجر لا يبالي بالكذب بخبر فيه إضرار بأحد، فتبينوا الحقيقة، وتثبتوا من الأمر، ولا تتعجلوا بالحكم حتى تتبصروا في الأمر والخبر لتتضح الحقيقة وتظهر، خشية أن تصيبوا قوما بالأذى، وتلحقوا بهم ضررا لا يستحقونه، وأنتم جاهلون حالهم، فتصيروا على ما حكمتم عليهم بالخطإ نادمين على ذلك، مغتمين له، متمنين عدم وقوعه.


(١) تفسير الرازي: ١١٩/ ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>