للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: يا محمد، أرضيت بهؤلاء؟ أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟ لو طردت هؤلاء لاتّبعناك، فأنزل الله فيهم القرآن: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا} إلى قوله: {سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}».

وأخرج ابن جرير الطبري وابن المنذر عن عكرمة قال: جاء عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ومطعم بن عدي، والحارث بن نوفل (١) في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر إلى أبي طالب، فقالوا له: لو أن ابن أخيك يطرد هؤلاء الأعبد، كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لاتّباعنا إيّاه، فكلّم أبو طالب النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلنا ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون؟ فأنزل الله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ..}. الآية إلى قوله:

{أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشّاكِرِينَ} -وكانوا بلالا، وعمار بن ياسر، وسالما مولى أبي حذيفة، وصالحا (٢) مولى أسيد، وابن مسعود، والمقداد بن عمرو (٣)، وواقد بن عبد الله الحنظلي وأشباههم-فأقبل عمر، فاعتذر من مقالته، فنزل: *وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا الآية.

ويلاحظ‍ أن هذه الرّوايات مختلفة، فبعضها ذكر نزول الآية إلى نهاية الآية [٥٣]، وبعضها أدخل الآيتين [٥٤ - ٥٥]. والرّواية الأولى ذكرت ابن مسعود مع أئمة قريش، والرّواية الأخيرة ذكرته مع المطلوب طردهم.

المناسبة:

هذه الآية تتمة لما قبلها: {لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} ومبيّنة لحدود وظائف الرّسل بكونهم مجرّد مبشرين ومنذرين، فالله يأمر رسوله بأن يقول


(١) في رواية: والحارث بن عامر، وقرظة بن عبد عمر بن نوفل.
(٢) وفي رواية: «وصبيحا».
(٣) وفي رواية: والمقدام بن عبد الله، وعمرو بن عمرو ذو الشمالين، ومرثد بن أبي مرثد.

<<  <  ج: ص:  >  >>