وفي رواية عطاء: نزلت الآية في رجل أتى النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إن لي دينارا، فقال: أنفقه على نفسك، فقال: إن لي دينارين، فقال: أنفقهما على أهلك، فقال: إن لي ثلاثة، فقال: أنفقها على خادمك، فقال: إن لي أربعة، فقال: أنفقها على والديك، فقال: إن لي خمسة، فقال: أنفقها على قرابتك، فقال: إن لي ستة، فقال: أنفقها في سبيل الله، وهو أخسها».
وقد بينت الآية أن صدقة التطوع للوالدين والأقربين أفضل، بدليل ما
روي عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يا معشر النساء، تصدقن ولو بحليكن» فقالت زينب امرأة عبد الله بن مسعود لزوجها: أراك خفيف ذات اليد، فإن أجزأت عني فيك صرفتها إليك، فأتت النّبي صلّى الله عليه وسلّم فسألته، فقالت: أتجزي الصدقة على زوجي، وأيتام في حجري، فقال لها النّبي صلّى الله عليه وسلّم:«لك أجران: أجر الصدقة وأجر القرابة»، وفي رواية:«زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه».
وروى مسلم عن جابر أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«ابدأ بنفسك، فتصدق عليها».
وروى النسائي وغيره أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يد المعطي العليا: أباك، وأمك، وأختك، وأخاك، وأدناك أدناك» ولا شك أن الحنو على القرابة أبلغ، ومراعاة ذي الرحم الكاشح أوقع في الإخلاص (١).
وكون الجواب في الآية أتى ببيان المنفق عليه، مع أنهم سألوا عن المنفق: هو على أسلوب الحكيم، فقد سألوا عن شيء، وأجابهم عما هو أهم منه: وهو بيان مواطن الإنفاق، لأن الإنفاق لا يحقق الخير حتى يصادف موقعه.
فقه الحياة أو الأحكام:
الآية لبيان مصارف صدقة التطوع، ومنها أنه يجب على الرجل الغني أن
(١) أحكام القرآن لابن العربي: ١٤٦/ ١، والكاشح: الذي يضمر لك العداوة.