هذا مع ملاحظة أن الله تعالى لم يأمرنا بالتمتيع عند ذكر نوع من المطلّقات إلا غير المدخول بهنّ (غير الممسوسات) مطلقا أي سواء سميّ لهنّ مهر أو لم يسم كما في آية الأحزاب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها، فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً}[الأحزاب ٤٩/ ٣٣]، أو مقيّدا بحالة عدم تسمية المهر بقوله:{ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة ٢٣٦/ ٢]، أي مدّة عدم مسّكم إياهنّ وتسمية المهر لهنّ، أي فحينئذ يجب عليكم شيء وهو المتعة بقوله:
{وَمَتِّعُوهُنَّ} أي أعطوهنّ شيئا يتمتّعن به، كما بيّنا سابقا.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلّت الآية على أمرين:
الأول-عدّة المتوفى عنها زوجها: وهي حول كامل تسكن فيه في بيت المتوفى عنها، وينفق عليها من ماله ما لم تخرج من المنزل، فإن خرجت، لم يكن على الورثة جناح في قطع النفقة عنها. ثمّ نسخ الحول بالأربعة الأشهر والعشر، ونسخت النفقة بالرّبع والثّمن في سورة النساء، كما قال ابن عباس وقتادة والضّحاك وابن زيد والرّبيع.
وقال الطبري عن مجاهد: إن هذه الآية محكمة لا نسخ فيها، والعدّة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشرا، ثمّ جعل الله لهنّ وصية منه سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة، فإن شاءت المرأة سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله عزّ وجلّ:{غَيْرَ إِخْراجٍ، فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ}.
الثاني-متعة المطلّقات: واختلف الناس في الآية، فقال أبو ثور: هي محكمة، والمتعة لكلّ مطلّقة، وكذلك قال الزّهري، وسعيد بن جبير، والشافعي في الأصحّ، لكنه استثنى المطلّقة قبل الدخول المسمّى لها المهر. وقال مالك: