{ماذا أَنْزَلَ.}. {ما} اسم استفهام مبتدأ، و {إِذا} خبره، و {أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}:
صلته، والعائد محذوف تقديره: أنزله، فحذف تخفيفا. ولما كان السؤال مرفوعا رفع {أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} على تقدير مبتدأ محذوف، أي هو أساطير الأولين. وأما قوله الآتي:{ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا: خَيْراً} فالجواب منصوب؛ لأن السؤال منصوب، لأن {ماذا} بمنزلة كلمة واحدة، أي أيّ شيء أنزل ربّكم، وهي في موضع نصب ب {أَنْزَلَ}. {بِغَيْرِ عِلْمٍ} حال. {ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} حال أيضا.
البلاغة:
{فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} استعارة تمثيلية، شبّه حال الماكرين بحال قوم بنوا بنيانا ثم انهدم عليهم وأهلكهم، ووجه الشّبه أنّ ما ظنّوه سببا لحمايتهم، كان سببا في فنائهم.
المفردات اللغوية:
{أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} على محمد. {أَساطِيرُ} أكاذيب وأباطيل وترّهات. {الْأَوَّلِينَ} الغابرين القدماء، قالوا ذلك إضلالا للناس، وقد نزلت الآية في النّضر بن الحارث، {لِيَحْمِلُوا} في عاقبة أمرهم. {أَوْزارَهُمْ} ذنوبهم. {كامِلَةً} لم يكفّر منها شيء. {وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ.}. أي وبعض أوزار من يضلونهم؛ لأنهم دعوهم إلى الضلال فاتّبعوهم، فاشتركوا في الإثم؛ لتسببهم في إضلالهم، والأصح أن {مِنْ} للجنس لا للتبعيض، أي فعليهم مثل أوزار تابعيهم.
{ساءَ} بئس. {ما يَزِرُونَ} يحملونه حملهم هذا.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ} حال من المفعول، أي يضلون من لا يعلم أنهم ضلاّل، أو حال من الفاعل أي وهم جاهلون. {لِيَحْمِلُوا} اللام لام الصيرورة؛ لأنهم لم يصفوا القرآن بكونه أساطير الأولين، لأجل أن يحملوا الأوزار، ولكن لمّا كان عاقبتهم ذلك حسن ذكر هذه اللام.
{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} وهو نمروذ بن كنعان، بنى صرحا طويلا ببابل، سمكه خمسة آلاف ذراع، ليصعد منه إلى السماء، ليقاتل أهلها. والمكر: صرف غيرك عما يريده بحيلة، ويراد به هنا مباشرة الأسباب وترتيب المقدمات. والمقصود بالآية: المبالغة في وصف وعيد أولئك الكفار. {فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ} أهلكه وأفناه، فأرسل عليه الريح والزلزلة، فهدمته من الأساس، كما يقال: أتى عليه الدهر، و {فَأَتَى}: قصد، و {الْقَواعِدِ}: الدعائم، جمع قاعدة.
{فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} أي وهم تحته، و {فَخَرَّ}: سقط. {وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} من جهة لا تخطر ببالهم، أي من جهة لا يحتسبون ولا يتوقّعون. وقيل: هذا تمثيل لإفساد ما أبرموه من المكر بالرّسل.