الآيات تبين بداية القيامة ونهاية الحساب، فتبدأ في بيان تغيير معالم الدنيا من تسيير الجبال، أي إزالتها من أماكنها على وجه الأرض، وتسييرها كما يسيّر السحاب، كما جاء في آية أخرى:{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ}[النمل ٨٨/ ٢٧] ثم تكسر فتعود إلى الأرض، كما قال تعالى:{وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا} وتصبح الأرض بارزة ظاهرة، ليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان؛ لاجتثاث ثمارها، وقلع جبالها، وهدم بنيانها.
ثم تأتي مرحلة الحشر أي الجمع إلى الموقف، فلا يترك أحد ويجمع جميع المخلوقات في صعيد واحد، للحساب أمام الربّ تبارك وتعالى.
إنهم يعرضون صفا بعد صف، كالصفوف في الصلاة، كل أمة وزمرة صفّ، لا أنهم صف واحد.
أخرج الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في كتاب التوحيد عن معاذ بن جبل أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:«إن الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة وبصوت رفيع غير فظيع: يا عبادي، أنا الله، لا إله إلا أنا، أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، وأسرع الحاسبين.
يا عبادي، لا خوف عليكم اليوم، ولا أنتم تحزنون، أحضروا حجتكم، ويسّروا جوابا، فإنكم مسئولون محاسبون.
يا ملائكتي، أقيموا عبادي صفوفا، على أطراف أنامل أقدامهم للحساب».
ويأتي الخلائق من قبورهم لموقف الحساب حفاة عراة، لا مال معهم ولا ولد، كما جاؤوا من بطون أمهاتهم أثناء ولادتهم في الدنيا. وتعرض كتب أعمال العباد وصحائفهم، بما فيها من صغائر وكبائر، قال الأسدي: الصغيرة: ما دون الشرك، والكبيرة: الشرك.