٢ - الشأن والعادة المقررة: توجيه المؤاخذة وإيقاع العقاب الشديد بسبب الذنوب والتكذيب بآيات الله المتلوة، فلا يختلف الحكم بين كفار قريش وبين آل فرعون ومن قبله من قوم لوط وعاد وثمود غيرهم، كما قال تعالى:{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا.}. وقال:{وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ. النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا، وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ}[غافر ٤٥/ ٤٠ - ٤٦] وقال: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.}. [الانفعال ٥٤/ ٨].
٣ - النصر منوط بإرادة الله على وفق الحكمة الإلهية، ولمكافأة المؤمنين الممتثلين أوامر ربهم، وليست موازين النصر بالكثرة العددية أو بالتفوق في السلاح، وإنما بمقدار الإيمان والثقة بالله، فقد ينصر الفئة القليلة على الفئة الكثيرة:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ}[البقرة ٢٤٩/ ٢] ودلت الآية على صحة نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم من وجهين:
الأول-غلبة الفئة القليلة العدد الفئة الكثيرة العدد، وذلك على خلاف مجرى العادة، لما أمدهم الله به من الملائكة.
والثاني-أن الله تعالى كان قد وعدهم إحدى الطائفتين، وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم المسلمين قبل اللقاء بالظفر والغلبة، وقال: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، وكان كما وعد الله وأخبر به النبي صلّى الله عليه وسلّم.