وعلى كلّ فالخطاب في الآية عام يشمل كل من ادّعى حبّ الله، أي طاعته واتّباع أمره، ولم يتّبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادّعى محبّة الله، وليس هو على الطريقة المحمديّة، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتّبع الشّرع المحمدي والدّين النّبوي في جميع أقواله وأفعاله، كما ثبت
في الصحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ».
المناسبة:
بعد أن نهى الله المؤمنين عن موالاة الكافرين، أوضح هنا أن طريق محبّة الله تعالى متابعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وامتثال أوامره واجتناب ما نهى عنه.
التفسير والبيان:
قل يا محمد لهم: إن كنتم تطيعون الله وترغبون في ثوابه، فامتثلوا ما أنزل الله علي من الوحي، يرض الله عنكم، ويغفر لكم ذنوبكم، أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبّتكم إياه، وهو محبّته إياكم، وهو أعظم من الأوّل.
والله غفور لمن أطاعه، واتّبع دينه، رحيم به في الدّنيا والآخرة، والطاعة تكون باتّباع الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
روي أنه لما نزل قوله:{قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ.}. قال عبد الله بن أبيّ زعيم المنافقين: إنّ محمدا يجعل طاعته كطاعة الله تعالى، ويأمرنا أن نحبّه، كما أحبّ النصارى عيسى، فنزل قوله:{قُلْ: أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ}.
أي قل لهم: أطيعوا الله باتّباع أوامره، واجتناب نواهيه، وأطيعوا الرّسول باتّباع سنّته والاهتداء بهديه واقتفاء أثره. وهذا يدلّ على أنّ الله إنما أوجب عليكم متابعة نبيّه؛ لأنه رسوله، لا كما يقول النّصارى في عيسى عليه السلام.