{يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ، وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}[البقرة ٢٥٥/ ٢]. وقال ابن عباس: لا تدركه الأبصار في الدنيا ويراه المؤمنون في الآخرة؛ لإخبار الله بها في قوله:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ}[القيامة ٢٢/ ٧٥ - ٢٣].
وهو تعالى يرى العيون الباصرة رؤية إدراك وإحاطة وشمول، فلا تخفى عليه طرفة عين، ولا يخفى عليه شيء إلا يراه ويعلمه، وإنما خص {الْأَبْصارُ} لتجنيس الكلام.
وهذه الآية إما مخصوصة بقوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ}[القيامة ٢٢/ ٧٥ - ٢٣] وبالحديث الآتي الدال على رؤية الله عز وجل.
أو يقال: إنه لا تنافي بين الآيتين؛ لأن نفي إحاطة العلم لا يستلزم نفي أصل العلم، وكذلك نفي إدراك البصر للشيء والإحاطة به لا يستلزم نفي رؤيته مطلقا.
وقد ثبت في الصحيحين أنه صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنكم سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب» فالمؤمنون يرون ربهم، وأما الكافرون فلا يرونه؛ لقوله تعالى:{كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين ١٥/ ٨٣]. والله تعالى اللطيف أي الرفيق بعباده، الخبير بهم المطلع على جميع أحوالهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
نزلت الآية:{وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ} في مشركي العرب، ومعنى إشراكهم بالجن أنهم أطاعوهم كطاعة الله عز وجل.
والآية توبيخ وتقريع ورد قاطع على المشركين الذين جعلوا الجن شركاء لله، ونسبوا لله البنين والبنات جهلا منهم بحقيقة الله. والمشركون أصناف: