للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطر. {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} أي ليذيقكم بها المطر والخصب أي المنافع التابعة لها. {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ} السفن بها بإذنه. {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} لتطلبوا الرزق من فضل الله بالتجارة في البحر. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي ولتشكروا نعمة الله فيها، فتوحدوه.

{فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} بالحجج الواضحات على صدقهم في رسالتهم إليهم، فكذبوهم.

{فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} أهلكنا الذين كذبوا، ودمرنا الذين فعلوا جرما. {وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} على الكافرين بإهلاكهم وإنجاء المؤمنين. وهو إشعار بأن الانتقام لصالح المؤمنين وإظهار كرامتهم، حيث جعلهم الله مستحقين لديه أن ينصرهم،

قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الطبراني وغيره عن أبي الدرداء: «ما من امرئ مسلم يردّ عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم» ثم تلا الآية.

{فَتُثِيرُ} أي تحرك وتهيج. {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ} ينشره متصلا بعضه ببعض. {كَيْفَ يَشاءُ} من قلة وكثرة، {كِسَفاً} قطعا متفرقة، وقرئ بسكون السين، تخفيفا. {الْوَدْقَ} المطر. {مِنْ خِلالِهِ} وسطه. {فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} أصاب بالودق بلادهم وأراضيهم. {إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} يفرحون بالمطر أمارة الخصب.

{مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} المطر. {مِنْ قَبْلِهِ} كرره للتأكيد والدلالة على طول زمن تأخر المطر. {لَمُبْلِسِينَ} آيسين من إنزاله. {فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ} آثار الغيث من النبات والأشجار وأنواع الثمار، وقرئ: إلى أثر. {كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} يبسها، بأن يجعلها تنبت، وقرئ: تحيي بإسناده إلى ضمير الرحمة. {لَمُحْيِ الْمَوْتى} لقادر على إحيائهم. {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي أن قدرته على جميع الممكنات سواء. {وَلَئِنْ} اللام لام القسم. {أَرْسَلْنا رِيحاً} مضرة على نبات. {فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} فرأوا الأثر أو الزرع، وقد صار جواب القسم. {مِنْ بَعْدِهِ} من بعد اصفراره. {يَكْفُرُونَ} يجحدون النعمة بالمطر، وقوله: {لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} جواب سد مسد جزاء الشرط‍، وحرف الشرط‍ هو (إن) في قوله {وَلَئِنْ}.

المناسبة:

بعد وصف ظاهرة الفساد في العالم بسبب الشرك والمعاصي، أقام الله تعالى الأدلة القاطعة على وحدانيته بإرسال الرياح والأمطار، وعلى البعث والنشور وعلى قدرته ورحمته بإحياء الأرض بعد موتها، وتخلل ذلك التسرية عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأنه ليس أول من كذبه الناس، فقد تقدمه رسل كثيرون جاؤوا أقوامهم بالبينات فكذبوهم، فانتقم الله منهم بالتدمير والهلاك، فلا يجزع ولا يحزن، والنصر دائما في جانب المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>