للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد، أو هو مصدر كالمخالفة، ويصح المعنيان هنا. {وَقالُوا} أي قال بعضهم لبعض.

{لا تَنْفِرُوا} تخرجوا إلى الجهاد. {أَشَدُّ حَرًّا} من تبوك، فالأولى أن يتقوها بترك التخلف.

{لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ} يعقلون أو يعلمون ذلك ما تخلفوا. {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً} في الدنيا.

{وَلْيَبْكُوا} في الآخرة. وهو خبر عن حالهم وارد بصيغة الأمر.

سبب النزول:

أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الناس أن ينبعثوا معه، وذلك في الصيف، فقال رجال: يا رسول الله، الحر شديد، ولا نستطيع الخروج، فلا ننفر في الحر، فأنزل الله: {قُلْ: نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا}.

وأخرج ابن جرير أيضا عن محمد بن كعب القرظي قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في حر شديد إلى تبوك، فقال رجل من بني سلمة: لا تنفروا في الحر، فأنزل الله: {قُلْ: نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} الآية.

المناسبة:

بعد أن ذكر الله تعالى بعض قبائح المنافقين من اعتذارهم عن الخروج للقتال في تبوك، ولمزهم في قسمة الصدقات، عاد إلى بيان حال أولئك الذين تخلفوا عن الخروج مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، وهو نوع آخر من قبائحهم، وهو فرحهم بالقعود وكراهتهم الجهاد.

وسموا بالمخلّفين لا بالمتخلفين أي المتأخرين عن الجهاد، لأنهم تخلفوا عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بعد خروجه إلى الجهاد، من حيث إنهم لم ينهضوا، فبقوا وأقاموا، ولأن الرسول منع أقواما منهم من الخروج معهم، لعلمه بأنهم يفسدون ويشوشون، ولأن الله تعالى لما منعهم في الآية التالية عن الخروج معه بقوله:

{فَقُلْ: لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً} صاروا بهذا السبب مخلّفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>