يدي؟ قال: لا، يمنعني الله منك، ثم أغمد السيف ورده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله الآية. قال القشيري: وقد تنزل الآية في قصة ثم ينزل ذكرها مرة أخرى لادّكار ما سبق.
المناسبة:
لما ذكّر الله تعالى المؤمنين في الآية السابقة بما يوجب عليهم الانقياد لأوامره ونواهيه، طالبهم هنا بالانقياد لتكاليفه المتعلقة به أو بعباده.
التفسير والبيان:
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالحق لله عز وجل، لا لأجل الناس والسمعة، أي بالإخلاص لله في كل ما تعملون من أمر دينكم ودنياكم.
شهداء بالحق والعدل بلا محاباة ولا جور، سواء للمشهود له أو عليه، أي أدوا الشهادة بالعدل؛ لأن العدل هو ميزان الحقوق، إذ متى وقع الجور في أمة انتشرت المفاسد فيما بينها، كما قال تعالى:{كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ}[النساء ١٣٥/ ٤] والشهادة: الإخبار بالواقعة وإظهار الحق أمام الحاكم ليحكم به.
ولا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في معاملتكم مع كل أحد، صديقا كان أو عدوا.
وعدلكم أقرب للتقوى من تركه، أي العدل في معاملة الأعداء أقرب إلى اتقاء المعاصي على الوجه العام. وقوله:{أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} من باب استعمال أفعل التفضيل في المحل الذي ليس في الجانب الآخر منه شيء، أي ليس للمفاضلة بين شيئين، فهو ليس على بابه، كما في قوله تعالى:{أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً}[الفرقان ٢٤/ ٢٥].