{لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ} يسمون كل واحد منهم. {تَسْمِيَةَ الْأُنْثى} حيث قالوا: هم بنات الله.
{وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} بهذا القول من دليل يقيني. {إِنْ يَتَّبِعُونَ} ما يتبعون فيه. {إِلاَّ الظَّنَّ} مجرد التوهم. {وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} أي إن الظن لا يفيد في مجال الحق:
الذي هو حقيقة الشيء، فإن ألحق لا يدرك إلا بالعلم، أي اليقين، والظن لا اعتبار له في المعارف الحقيقية أو اليقينيات وإنما العبرة به في العمليات والوسائل المؤدية إليها.
{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا} أعرض عمن تولى عن القرآن وعن تذكيرنا وانهمك في الدنيا. {ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي طلب الدنيا وأمرها نهاية علمهم، فلا يتجاوزه علمهم لأنهم آثروا الدنيا على الآخرة، والجملة اعتراضية مقررة لقصر همهم على الدنيا.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ.}. تعليل للأمر بالإعراض، أي إنما يعلم الله من يجيب ممن لا يجيب، فلا تتعب نفسك في دعوتهم، إذ ما عليك إلا البلاغ، وقد بلغت، والله عالم بالفريقين فيجازيهما.
المناسبة:
بعد أن وبخ الحق سبحانه المشركين على عبادتهم الأصنام والأوثان، وأبان عدم جدوى تلك العبادة في مجال الشفاعة وغيرها، وبخهم مرة أخرى وقرّعهم على قولهم: الملائكة بنات الله، وأوضح أنها دعوى لا تستند إلى دليل مقبول، وأن عقولهم قاصرة، وأنهم لا يهتمون إلا بالدنيا وحطامها، وأن الله سيجازيهم على مزاعمهم ومعتقداتهم الفاسدة.
التفسير والبيان:
أنكر الله تعالى على المشركين تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى، وقولهم: إنهم بنات الله، فقال:
{إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى} أي إن هؤلاء المشركين الكافرين الذين لا يصدقون بوجود الآخرة والحساب والعقاب يزعمون أن الملائكة إناث، وأنهم بنات الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
والمراد أنهم يسمون كل واحد من الملائكة أنثى، لأنهم إذا جعلوا الكل بنات، فقد