{الْمَوالِيَ} هم عصبة الرجل، الذين يلونه في النسب، كبني العم. {مِنْ وَرائِي} بعد موتي، وخوفي منهم على الدين أن يضيعوه، كما شاهدته في بني إسرائيل من تبديل الدين {وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً} أي لا تلد، يقال: رجل عاقر وامرأة عاقرة، أي عقيمان {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ} من عندك {وَلِيًّا} ولدا من صلبي {مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} جدي في العلم والنبوة، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وكان متزوجا أخت مريم بنت عمران من ولد سليمان، وكان زكريا زوجا لخالة مريم {رَضِيًّا} أي مرضيا عندك.
{لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} أي مسمى بيحيى، فلم يسمّ أحد بهذا الاسم قبله {أَنّى} كيف {عِتِيًّا} من عتا: أي يبس، يبست مفاصله وعظامه، قيل: كان عمره: مائة وعشرين سنة، وبلغت امرأته ثمانية وتسعين سنة، وقرئ: عسيّا بمعنى عتيا {قالَ: كَذلِكَ} أي الأمر كذلك من خلق غلام منكما في هذه السن {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أي لا أحتاج فيما أريد أن أفعله إلى الأسباب {وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} قبل خلقك، بل كنت معدوما صرفا. وفيه دليل على أن المعدوم ليس بشيء.
{آيَةً} علامة أعلم بها وقوع ما بشرتني به {ثَلاثَ لَيالٍ} أي بأيامها، بدليل ذكر الأيام في سورة آل عمران:{ثَلاثَةَ أَيّامٍ}. {سَوِيًّا} أي سوي الخلق سليم الجوارح بلا علة، ما بك من خرس ولا بكم {الْمِحْرابِ} المصلّى وكانوا ينتظرون فتحه، ليصلوا فيه بأمره على العادة {فَأَوْحى} أشار، أو أومأ {سَبِّحُوا} صلوا أو نزهوا ربكم، والمتفق عليه أنه أراد بالتسبيح الصلاة {بُكْرَةً وَعَشِيًّا} طرفي النهار، أوائل النهار وأواخره على العادة، أي صلاة الفجر وصلاة العصر، فعلم من امتناعه من الكلام حمل زوجته بيحيى.
قصة زكريا عليه السلام:
ذكر زكريا في القرآن الكريم ثماني مرات، في الآيتين [٣٨، ٣٧] من آل عمران، وفي الأنعام الآية [٨٥]، وفي مريم الآيتان [٧، ٢]، وفي الأنبياء الآية [٨٩].
وكان لزكريا أبي يحيى شركة في خدمة الهيكل، فهو (لاوي) وكانت مريم التي نذرتها والدتها لخدمة الهيكل من نصيب زكريا {وَكَفَّلَها زَكَرِيّا}. وكان زكريا زوجا لخالة مريم أو لأختها. ولما رأى زكريا إكرام الله تعالى لمريم ورزقها من حيث لا تحتسب، دعا أن يرزقه الله تعالى الولد: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قَالَ