قل لهم يا محمد: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله، وما سبب ذلك، وما دليلكم على موقفكم الرافض دعوة الإسلام، ولأي سبب تصرفون المؤمنين عن جادة الإيمان الذي يرقى بالعقل عن طريق إعمال النظر في الكون، ويزكي الروح بالأخلاق، ويرفع مستوى الإنسان بالأعمال الطيبة الصالحة؟ إنكم بهذا الموقف المعاند القائم على الحسد والاستعلاء والكبر وإلقاء الشبهات الباطلة، تريدون الانحراف عن منهج الحق، والزيغ عن سبيل الاستقامة على الهدى، وأنتم عارفون معرفة تامة بصدق محمد في نبوته، وتقدم البشارة به، وقد غيّرتم وبدّلتم صفاته، وكذبتم على الله، وما الله بغافل عن أعمالكم ومكائدكم، فمجازيكم عليها.
والسبب في ختم الآية الأولى بقوله:{وَاللهُ شَهِيدٌ..}.: هو أن العمل الذي فيها وهو الكفر ظاهر مشهود، وأما سبب ختم الآية الثانية بقوله:{وَمَا اللهُ بِغافِلٍ..}. فهو أن الصد عن الإسلام كان عن طريق المكر والاحتيال.
وتكرر الخطاب بقوله:{يا أَهْلَ الْكِتابِ} للتوبيخ بلطف ولين، ولحملهم على الانضمام لدعوة الإسلام المتفقة مع أصول كتبهم الصحيحة.
والآية الأولى لكفهم عن الضلال، والثانية لكفهم عن الإضلال (١).
فقه الحياة أو الأحكام:
إن أصول الأديان واحدة، وغاياتها واحدة، وطريقها بالدعوة إلى التوحيد الإلهي، وسمو الأخلاق والفضائل، وعبادة الله واحدة أيضا، فما على أتباع الأديان إلا أن ينضم بعضهم إلى بعض، دون تمسك بما لديه، وبما أن الإسلام خاتم