ذلك، ولأنه تعالى وصف الفاحشة بالتبيين، والزنى مما يتستر به، وينبغي حمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته. ولما كان مكانهن مهبط الوحي من الأوامر والنواهي، لزمهن بسبب ذلك، وكونهن تحت الرسول صلّى الله عليه وسلّم أكثر مما يلزم غيرهن، فضوعف لهن الأجر والعذاب.
فقه الحياة أو الأحكام:
١ - الآيات حث واضح على منع إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم أو مضايقته، ولو من أقرب الناس إليه، وفيها أدب عال لبيت النبوة الطاهر، وتسأم لمستوى الأنبياء، وترفع عن حطام الدنيا، وتربية لنساء النبي صلّى الله عليه وسلّم على الزهد والعفة والخلق السامي، وإعظام الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
قال العلماء: هذه الآية: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ.}. متصلة بما تقدم من المنع من إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي كان قد تأذى ببعض الزوجات.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إن من ملك زوجة فليس عليه تخييرها.
أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يخيّر نساءه فاخترنه. وجملة ذلك أن الله سبحانه خيّر النبي صلّى الله عليه وسلّم بين أن يكون نبيا ملكا، وعرض عليه مفاتح خزائن الدنيا، وبين أن يكون نبيا مسكينا، فشاور جبريل، فأشار عليه بالمسكنة فاختارها؛ فلما اختارها-وهي أعلى المنزلتين-أمره الله عز وجل أن يخير زوجاته، فربما كان فيهن من يكره المقام معه على الشدة تنزيها له.
٢ - القول الأصح في كيفية تخيير النبي صلّى الله عليه وسلّم أزواجه أنه خيّرهن بإذن الله تعالى في البقاء على الزوجية، أو الطلاق، فاخترن البقاء؛ لقول عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن الرجل يخير امرأته، فقالت: قد خيّرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاخترناه، فلم يعدّه طلاقا، ولم يثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا التخيير المأمور بين البقاء والطلاق.